في معرفة الأمور الكلية التي يجب رعايتها في الإختيارات و في السبب الموجب لها
* إعلم أن السبب الموجب للإختيارات هو أن تكون هيئة الفلك و صورته عند إبتداء الأعمال و تبدل الأحوال على قسمين و هو لا يخلو إما أن يكون حصلت تلك الهيئة بالقصد و الإختيار , أو حصلت وفاقا لا بالقصد و الإختيار
فالأول هو الإختيارات و هو القسم الأول
و الثاني هو المسائل و المواليد و تحويل السنين و هو القسم الثاني
و أكثر علم النجوم الذي طلبته الحكماء و الفلاسفة و إياه كان بغيتهم علم الإختيارات لعمل الطلسمات و غير ذلك من الأعمال الغريبة العجيبة الخارقة للعادة
و ذلك لما ثبت عندهم أنه إذا حدث أمر و بدأنا في الأعمال أن ننظر و نختار أن تكون طبيعة الطالع و طبيعة الشيء الذي إياه نريد أن نجعلها سليمة من النحوس ناظرة إليها السعود لكي تثبت لنا و تدوم و تبقى و تسلم من العاهات إلى أقصى مدتها التي وضعها لها خالقها لها و أن الإختيار نافع أبدا
و ذلك لأن الأمور العظام على معنيين المعنى العام و المعنى الخاص إلا أن المعنى العام أولى و أحق من الأمر الخاص و ذكل أن كل جوهر من جواهر العالم دليل بالطبع العام أبدا
فلنذكر أولا ما عوض أجزاء العالم الأكبر و هو العالم العلوي و هو إما أن يكون بالكواكب خاصة أو بالكواكب و نسبتها إلى البروج أو بالبروج خاصة .
فإن كان بالكواكب خاصة و هو كالمشتري الذي يدل على أمر المال و الزهرة على أمر النساء و الشمس على أمر السلطان و الملك و زحل على أمر الأرض و المياه و المريخ على أمر الحروب و السلاح و الأساورة و عطارد على أمر الوزراء و الكتاب و التجار و القمر على الأبدان خاصة و يتغير بتغيره الأجساد
و إعلم أن هذه الكواكب السبعة منها كوكبان سعدان حيث ما حلا و هما المشتري و الزهرة
و كوكبان نحسان أينما حلا و هما زحل و المريخ
و الشمس سعد من التسديس و التثليث و نحس من التربيع و المقابلة و المقارنة
و عطارد سعد مع السعود و نحس مع النحوس
و القمر سعد بإتصاله بالسعود و نحس بإتصاله بالنحوس
و الرأس سعد و الذنب نحس
هذا في الكواكب خاصة
و أما في البروج و نسبتها إلى الكواكب فبيوت المشتري تدل على ما يدل عليه المشتري
و بيوت زحل تدل على ما يدل عليه زحل
و بيوت النيران تدل على ما يدل عليه النيران
و أما في البروج خاصة فإن البروج خاصة فإن البروج الأرضية تدل على أمر الأرضين
و البيوت الهوائية تدل على أمر الهواء
و البيوت النارية تدل على أمر النار
و البيوت المائية تدل على أمر المياه
و ظاهر بإستطراده عند ذوي القياس أن هذه الأدلة عامة مستولية ثابتة قائمة في أجزاء العالم الكبير و في العالم الصغير الذي هو الإنسان لا يختلف و لا يتبدل و له أسرار و به إختيار
و يشهد بذلك أيضا ما قاله الأوائل الحكماء أن القمر دليل على إبتداء العمل و أن صاحبه دليل على العاقبة
و قالوا أن سهم السعادة دليل على إبتداء العمل و الكوكب المتصل به القمر دليل على عاقبة الأمر
و أيضا الكوكب المنصرف عنه القمر دليل على الزمان الماضي و الكوكب المتصل به القمر دليل على الزمان المستقبل و ما يحدث بعد الإبتداء
و قالوا أيضا أن البروج النهارية خير أن يكون طالعه بالنهار و البروج الليلية طالعه بالليل
و البروج الذكران للذكران و البروج الإناث للإناث أليق
و غير ذلك من الدلالات
فهذه الدلائل كلها دليل على أن أمر العام أولى و أحق أن يؤخذ من أمر الخاص لمشاكلة العادة للشيء العام فمن هذه الوجوه ثبت أن الإختيار قائم ثابت و أن العمل به نافع و هذا القدر كاف في السبب الموجب للإختيارات